کد مطلب:168090 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:165

من غرائب ما تفرد به البلاذری
وكان البلاذری ممّن روی قصة استنفار حبیب بن مظاهر(رض) حیّاً من بنی أسد لنصرة الامام الحسین (ع) وقد أوردنا روایته فی الحاشیة لكنّ البلاذری قال فی ذیل روایته لهذه القصة:

(وكان فراس بن جعدة بن هبیرة المخزومی مع الحسین، وهو یری أنّه لایُخالَف! فلمّا رأی الامر وصعوبته هاله ذلك! فأذن له الحسین فی الانصراف، فانصرف لیلاً!). [1] .

ونقول:

أولاً: لم یُعرف فی كتب التواریخ وكتب الرجال أنَّ لجعدة بن هبیرة


المخزومی ولداً إسمه فراس (كما ذكرالبلاذری)، بل إنّ له ولدین معروفین أحدهما یحیی، وله روایة عن الامام الحسین (ع)، وهو من رواة الغدیر، وعبداللّه (وهو الذی فتح القهندر وكثیراً من خراسان)، وقیل إنّ له ولداً آخر إسمه عمر. [2] .

ولو فرضنا جدلاً أنّ لجعدة بن هبیرة المخزومی ولداً إسمه فراس كما زعم البلاذری، فإنَّ ما نسبه البلاذری لهذا الولد من تخلّیه عن الامام الحسین (ع) فی الشدّة أمرٌ مستبعدٌ جدّاً! ذلك لانّ جعدة بن هبیرة هو ابن أمّ هانی بنت أبی طالب (ع) فجعدة ابن عمّة الامام (ع)، ففراس (المزعوم) هذا وهو ابن جعدة یكون ذا قرابة قریبة من الامام (ع)، هذا فضلاً عن أنّ التأریخ بل البلاذری نفسه حدّثنا عن أنّ بنی جعدة كانوا من أهل المعرفة بأهل البیت (ع) ومن شیعتهم، [3] وهذا أیضاً فضلاً عن أنّ جعدة وأبناءه قد عُرفوا بالشجاعة والبأس والشدّة فی الحرب والكریهة، ولم یُعرف لهم موقف متخاذل، أو أخزاهم خوف من الاعداء! هذا جعدة وقد عُرفت عنه الشدّة فی الحرب، یقول له عتبة بن أبی سفیان: إنّما لك هذه الشدّة فی الحرب من قِبَل خالك یعنی علیّاً(ع)! فیقول له جعدة: لو كان لك خال مثل خالی لنسیت أباك! [4] .

فهل یُتصور أنَّ ولداً من أولاد جعدة الشجاع هذا یعرّض نفسه وشرفه لعار الجبن علی صفحة التأریخ إلی قیام الساعة فیتخلّی ساعة الشدّة عن رجل محتاج


إلیه وذی رحم ماسة به كانت الاعداء قد أحاطت به من كلّ جانب!؟ فما بالك إذا كان هذا المحتاج إلیه ابن رسول اللّه وابن خال أبیه وهو الحسین (ع)!؟

هذا مال و تأمّل البلاذریّ نفسه فیه لما تجرّأ علی الاتیان به!

وممّا یؤسف له أن بعض المتتبّعین أخذ هذا عن البلاذری أخذ المسلّمات، ولم یكلّف نفسه مناقشة تلك الدعوی. [5] .


[1] أنساب الاشراف، 3:388.

[2] راجع: مستدركات علم رجال الحديث، 2:131 و8:193، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، 18:308.

[3] أنساب الاشراف، 3:366.

[4] مستدركات علم رجال الحديث، 2:130، رقم 2489 ومعجم رجال الحديث، 4:43، رقم 2097.

[5] راجع: حياة الامام الحسين بن علي (ع)، 3:171.